ما زالت آثار الأزمة المالية تتكشف، وتظهر نتائجها يوماً بعد يوم، فكم من بنوك أفلست، وشركات سقطت، ومؤسسات أقفلت، وبات الإنهيار الإقتصادي مقلقاً للمجتمعات رؤساء ومرؤوسين، مديرين وموظفين، فالكل متوجس إلا من رحم الله.
وجراء ذلك بدأت الشركات والمؤسسات العالمية في تقليص عدد موظفيها، وسار على هذا الدرب بعض الشركات العربية.
فقد العالم بنهاية العام الماضي نحو 2، 6 مليون فرصة عمل، وانخفض عدد الموظفين في أمريكا بنحو 700 ألف في شباط (فبراير) 2009، وأظهرت أحدث إحصاءات رسمية في بريطانيا أن 1، 086 مليون شخص خسروا وظائفهم، و تم إلغاء 63 ألف وظيفة في مدينة لندن وحدها. وفي فرنسا أكدت تقارير العمل الفرنسية أن عدد العاطلين عن العمل وصل 2، 38 مليون بعد شطب نحو 80 ألف وظيفة جديدة. وتوقعات أن يصل عدد عاطلي ألمانيا 1، 2 مليون عاطلاً، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشدة على الصادرات.
وفي اليابان استغنت شركة nec اليابانية "عملاقة الإلكترونيات" عن 20 ألف وظيفة، وشركة نوكيا عملاقة صناعة الهواتف المحمولة الفنلندية تعتزم الاستغناء عن 1700 موظف في مصانعها حول العالم، بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ووصل إجمالي عدد الوظائف التي تم الإستغناء عنها في روسيا منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى 800 ألف وظيفة.
وفي البلاد العربية تم تسريح 20 في المائة من موظفي البنوك العاملة في مصر لتقليل آثار الأزمة المالية، خاصة البنوك الأجنبية التي تخلّصت من عمالة تقدر بالآلاف خلال الأيام الماضية.
وتم تسريح 25 في المائة من موظفي الخليجية للحديد الصناعي، وبنك المشرق الإماراتي سرح 175 موظفاً، يمثلون 4 في المائة من موظفيه بسبب ظروف السوق.
وتخلص أحد البنوك الأجنبية من 52 ألف موظف في فروعه على مستوى العالم.
ولم تعد تسريحات الموظفين وانخفاض الإستثمار مرحلة مؤقتة قصيرة ستمر وتمضي، إنما مرحلة طويلة لن تنتهي حتى يتم وضع نظام عالمي تجاري مالي جديد يقوم على أسس سليمة وعادلة.
ولتسريح الموظفين سلبيات كثيرة منها:
1. أنها سبب رئيس لانتشار البطالة.
2. تزايد معدلات الجريمة من سرقة ورشوة وبيع للأعراض بسبب رقة الدين.
3. عجز بعض الأسر عن تأمين حاجاتها الأساسية.
4. له أضرار عظيمة على اقتصاد البلد وعلى الشركات نفسها.
5. بروز الطبقية في المجتمع.
6. فضلاً عن القلق الحاصل للموظفين الباقين خوفاً من تسريحهم.
ومما ينبه عليه أصحاب العمل قبل تسريح الموظفين أنه لا بد من تقوى الله والنظر في عاقبة هذا القرار على الموظف، فينبغي لصاحب العمل أن يحتسب أجر نفع الآخرين، وعليه الوفاء بالعقود مع الموظفين قبل تسريحهم، فلا يجوز له أن يسرحه إذا كان عقد العمل لم ينته إلا لضرورة قصوى كإفلاس ونحوه، وليكن التسريح آخر العلاج، وإن كان ولابد من التسريح، فينبغي عدم مفاجأة الموظف بالإستغناء عنه، بل ينبغي عليه التدرج في الإستغناء بعد التأكد من عدم الحاجة الفعلية إلى هذا الموظف، واجتناب إبتزاز الموظفين بتقليص الرواتب والتسريح من غير وجه حق.
ولا شك أن فقدان الوظيفة التي تعد سبباً للرزق مصيبةٌ قد ابتلي بها بعض الناس وهي مصيبةٌ عظيمةٌ نواسي من ابتُلي بها ونذكره بأن الرزق من عند الله، وليس مربوطاً بالوظيفة، فإن الله قد تكفل بأرزاق العباد، وليعلم أنه إذا انقطع سبب للرزق فُتِحَ خير منه، بإذن الله تعالى، فكن واثقاً بما في يد الله، والجأ إلى الله تعالى عند الكربات، وقبل ذلك لا بد من الرضا بقضاء الله وقدره، وحسن الظن بالله فإن المستقبل بيده سبحانه، والإستعانة به والتوكل عليه، واسع في الأرض، وانظر إلى من أصيب بمثل مصيبتك أو أشد، فإن ذلك يسلي النفس، وتذكر نعمة الصحة والعافية في البدن والنفس والولد ولا تزدري هذه النعم، وعليك بكتمان البلاء إذا نزل، وابدأ بالبحث عن عمل ولا تحسب أن الوظيفة هي السبب الوحيد للرزق بل ابدأ من جديد بعمل آخر ولو بدأت من الصفر، فإن الفقر والعوز وقلة الدخل ليست عيباً، بل العيب هو مد اليد إلى الناس، وقد يكون من وراء بحثك عن عمل أن يفتح لك باب رزق في تجارة أو صناعة تحمد الله بعدها كثيراً أن قدّر عليك الإستغناء عن الوظيفة لتصل إلى طريق الرزق الأوسع هذا.
وتفاءل وأحسن الظن بالله تعالى، فإن ذلك من الأمور التي تسكن النفس وتبعد عنها الهموم، وعليك بكثرة الإستغفار والتوبة إلى الله تعالى، فلعل فقدانك للوظيفة بسبب ذنب أحدثته، وألح على الله بالدعاء فهو لا يخيب من رجاه، ولا تكن مثل بعض الناس الذين يغفلون عن طرق الأبواب الحقيقية التي تجلب الرزق كالإستغفار والتوكل والصدقة وصلة الرحم والشكر والدعاء.
الامير