التحصين التربوي ضد الانحرافات الجنسية من خلال بعض القيم التربوية الإسلامية ...

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد

لقد خلق الله الخلق وأودع فيهم الغرائز والقدرات التي تعينهم على إقامة الحياة والقيام بواجب الخلافة في الأرض كما يريد الخالق سبحانه وتعالى ، ولكن كثيراً من الناس انحرفوا عن الصراط المستقيم، واتبعوا شهواتهم وأهواءهم ، وابتعدوا عن المنهج القويم في التعامل مع تلك الغرائز والقدرات .

وغريزة الجنس من ضمن تلك الغرائز التي تلبي حاجةً أساسيةً من حاجات الإنسان ، وللإسلام نظرةٌ متوازنةٌ في التعامل الفطري معها ، وهذه النظرة تشبع حاجته وتلبي رغبته إن اتبع المنهج الإلهي معها ، قال تعالى : {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14) . والواقع المشاهد في حياة المسلمين اليوم يبين انحرافاً عن الأسلوب الصحيح في إشباع تلك الفطرة، وفي هذا العصر تنوعت مصادر الانحراف عن الفطرة السليمة في موضوع الجنس ، وانتشرت صور إشاعة الفاحشة ، وإثارة الغرائز الجنسية لدى الذين آمنوا ، ومن هذه الصور ما يلي :

- القنوات الفضائية التي تبث الصور الفاتنة من شتى أنحاء العالم .

- اللقطات والمناظر الإباحية عبر الانترنت وغيرها .

- الموسيقى الماجنة عبر الإذاعات والقنوات وأجهزة الجوال .

- الكتب والأشرطة المرئية .

- الصور العارية المرسومة على الأوراق البريدية وطوابعها ، وفي أندية السياحة ودور بيع الصحف والتحف .

- الجرائد والمجلات التي تعرض الجمال الجسمي والألبسة الداخلية ، والتي تظهر من خلالها المفاتن الجسدية .

- الكتيبات التي ترسم الأعضاء التناسلية ، والأفعال المخلة بالحياء .

ولا شك أن انتشار هذه المظاهر والصور في مجتمعات المسلمين تؤثر في كيانهم ، وتزلزل هويتهم ، وتبعد أجيالهم عن التفكير البناء في إعادة المجد الحضاري لأمتهم ، وتجعلهم لقمةً سائغةً لأعدائهم .
و يرى الباحث أن هذه المفاسد تنتشر بدعم من المؤسسات العالمية ، وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة من أرباب الكفر وأصحاب العقائد الفاسدة وغيرهم من المتنفذين ، ولذا يصعب إيقافها بالكلية ، وإن كان ليس من الاستحالة تعديل مسارها . يقول تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النور:19) .

ولكي لا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويحافظ أبناء الإسلام على مبادئهم وقيمهم ، فإن على التربية أن تقوم بدورها في صد الانحراف الناشىء عن مثل تلك المظاهر ، وأن تسعى للتقليل من أثرها وذلك بإيجاد الحصانة الواقية عن الوقوع في تلك الانحرافات . ومن الأساليب التي تستخدمها التربية في بث المبادىء الخيرة وصد مظاهر الانحراف : تعزيز القيم الإسلامية وتربية الأجيال عليها وتذكيرهم بها في مختلف المراحل والأعمار .
لذا فإن هذه الدراسة ستركز على القيم التربوية الإسلامية التي يمكن تفعيلها وتربية الأجيال عليها لتحصينهم ضد مظاهر وخطوات الانحراف الجنسي .

يتضمن هذا البحث عرضاً موجزاً عن القيم التربوية الإسلامية وأهميتها للمسلم المعاصر، ثم يبين مشكلة الانحرافات الجنسية المنتشرة في واقع بعض المسلمين .
ويقترح البحث تعزيز القيم التربوية الإسلامية للتحصين ضد الانحرافات الجنسية من خلال تلك القيم ، والقيم المقترحة ما يلي : غض البصر ، الغيرة على المحارم ، الاستئذان ، ستر العورة ، عدم الخضوع في القول ، العفة والاستعفاف .

أما أهم نتائج البحث فهي كما يلي :
1 – ضرورة التحصين التربوي ضد الانحرافات الجنسية .
2 – أهمية المؤسسات التربوية للمشاركة في تعزيز القيم الإسلامية .